للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقولُ: الطريقَ السليمَ في الجوابِ عليه أن نقولَ: السؤالُ عن هذا بدعةٌ، بدعةٌ في دينِ اللهِ، ما سأل عنه من هو خيرٌ منا، دعوه.

فإذا قال قائلٌ: الملائكةُ هل هم أجسامٌ؟

الجوابُ: نعمْ لا شكَّ، قال اللهُ تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: ١]، وأما من قال: إن الملائكةَ كنايةٌ عن قوى الخيرِ، والشياطينَ كنايةٌ عن قوى الشرِّ، فهذا يعني إنكارَ الملائكةِ والشياطين، بل نقولُ: الملائكةُ أجسامٌ ذوو أجنحةٍ، الشياطينُ أجسامٌ تأكلُ وتشربُ، قال اللهُ تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء: ٦٤]، أعاذني اللهُ وإياكم من الشيطانِ.

المهمُّ: أننا نؤمنُ بأن الملائكةَ أجسامٌ، وأن الشياطينَ أجسامٌ، لكنْ لا نَعْرِفُ كَيْفِيَّتَهم إلا ما عَلَّمَنا اللهُ، فما عَلَّمَنا اللهُ نَعْرِفُه وما لا فلا نَعْرِفُهُ؛ لأنَّهم عالمُ الغيبِ.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ الله: [{وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أيْ: مُلابِسين للحمدِ] أفادنا المُفسِّر بقولِهِ: [أي ملابسين للحمدِ] أن الباءَ هنا للملابَسةِ والمصاحَبَةِ، ومعنى (يُسَبِّحُ): أي: يُنَزِّهُ، ومعنى بِحَمْدِ: أي: تسبيحًا مَصْبُوغًا بالحمد؛ لِأَنَّ التسبيحَ تَنْزِيهٌ وتخليةٌ، والحمدُ بالعكسِ إثباتٌ؛ فقولك: "سبحانَ اللهِ وبحمْدِه" يجتمعُ فيه تنزيهُ اللهِ عن كُلِّ نقصٍ، وإثباتُ كلِّ كمالٍ له؛ أخذْنا إثباتَ الكمالِ من الحمدِ، والتنزيهَ من التسبيحِ {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}.

و(رَبٌّ) هنا بمعنى: خَالِقٌ، مَالِكٌ، مُدَبِّرٌ.

وقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ} المفعولُ محذوفٌ للعِلْمِ به، فمَن هو المُسْتَغَفَرُ؟ اللهُ، ويستغفرون اللهَ، والإستغفارُ طلبُ المغفرةِ؛ لأنَّ استفعل تأتي دائمًا وغالبًا بمعنى

<<  <   >  >>