للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن المفعولُ الثاني في قولِهِ: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} محذوفٌ تقديرُهُ يومَ الجمْعِ، ولنا أن نُقَدِّرَهُ تقديرًا آخَرَ، لكن ما دام بيْنَ أيدينا ما يَدُلُّ عليه فهو أَوْلَى.

قال اللهُ تعالى: {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} [الشورى: ٧]، قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَتُنْذِرَ} الناسَ] الناسَ هذا المفعولُ الأولُ المحذوفُ، و {يَوْمَ الْجَمْعِ} المفعولُ الثاني، أي: تُنْذِرُهُمُ اليومَ الذي يُجْمَعُ فيه الناسُ، وذلك يومَ القيامةِ تُجْمَعُ فيه الخلائقُ، وهذا من أسماءِ يومِ القيامةِ يومُ الجمعُ، كما أنه يُسَمَّى يومَ القيامةِ؛ لأنَّه يشتملُ على المعنى هذا وهذا.

وقولُهُ: {يَوْمَ الْجَمْعِ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [تُجْمَعُ فيه الخلائقُ] لقولِ اللهِ تعالى: {يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود: ١٠٣].

{لَا رَيْبَ فِيهِ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{لَا رَيْبَ} شَكٌّ {فِيهِ}] إلخ .. قولُهُ: {لَا رَيْبَ} الرَّيْبُ هو الشَّكُّ، لكن قال شيخُ الإسلامِ (١) رَحِمَهُ اللهُ: "إن تفسيرَ الرَّيْبِ بالشكِّ تفسيرٌ مقاربٌ وليس مطابِقًا"؛ لأنَّ الرَّيْبَ يوحي بقلقٍ في النفْسِ، والمعنى: ليس فيه ريبٌ وقلقٌ.

قولُهُ: {لَا رَيْبَ فِيهِ} (لا) نافيةٌ، فهل المرادُ بالنفيِ النهيُ، فيكون المعنى لا ترتابوا فيه، أو المرادُ بالنفي معناه الحقيقيُّ؟

نقولُ: المرادُ به معناه الحقيقيُّ؛ لأنَّه إذا كان معناه النفيَ صار صفةُ هذا اليومِ انتفاءَ الرَّيْبِ، وعلى هذا فمَنِ ارتاب فيه فقدِ ارتابَ في أمرٍ واقعٍ، لكن لو جعلْنَا النفيَ بمعنى النهيِ لَكُنَّا أَخْرَجْنَا الكلامَ عن ظاهِرِه، هذا من جهةٍ.


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٤٢).

<<  <   >  >>