للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِثْلَ: أن يعتقدَ أن مسألةَ العِينَةِ جائزةٌ ويَضَعُهَا قانونًا، ومسألةُ العِينةِ معروفةٌ: أن يبيعَ شيئًا بثمنٍ مؤجَّلٍ ويشتريه نقدًا بأقلَّ، فيقولُ مثلًا: المادَّةُ كذا: إذا باعَ شيئًا بثمنٍ واشتراه بأقلَّ، إذا باع شيئًا بثمنٍ مؤجَّلٍ واشتراه بأقلَّ فالعَقْدُ صحيحٌ. فهذه المادَّةُ تخالفُ الشَّرْعَ؛ لكنه هو لا يدري أنها تخالفُ الشرعَ، أو تؤولُ أنها جائزةٌ بناءً على صورةِ المعامَلةِ، هذا لا يَكْفُرُ.

وقد يكونُ وَضْعُ القانونِ المخالِفِ للشرعِ عن تضليلٍ وليس عن تأويلٍ؛ بحيث يكونُ الحاكمُ جاهلًا أمِّيًّا لكن ضَلَّلَه بعضُ الناسِ، بعضُ علماءِ الدولةِ قال: هذا لا بأسَ به؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "أنتم أَعْلَمُ بأمورِ دنياكم" (١) ونحن نَعْلَمُ أن هذا خيرٌ لنا في الدنيا بناءً على ظنِّهم، فهذا لا يَكْفُرُ.

فصار الآن الذي يَضَعُ قانونًا مخالفًا للشرعِ معتقدًا أنه أولى من الشرعِ وأنفعُ للخلقِ، فهذا كافرٌ لا نَشُكُّ في هذا، لكنْ بِشَرْطَيْن: يَعْلَمُ أنه مخالفٌ للشرعِ، ويعتقدُ أنه أنفعُ للخلقِ، أو مثلُ الشرعِ، حتى الذي يعتقدُ المماثلةَ فهو كافرٌ؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} [المائدة: ٥٠]، ويقولُ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨].

أمَّا من وَضَعَه مخالفًا للشرعِ بتأويلِهِ أو تضليلٍ فإنه لا يَكْفُرُ؛ لأنَّ هذا في نظري لم يخالِفِ الشرعَ، فلا يَكْفُرُ بهذا.

الخلاصةُ الآن: عندما يختلفُ الناسُ في شيءٍ فَيَرْجِعُون إلى اللهِ {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: ١٠].


(١) أخرجه مسلم: كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا، رقم (٢٣٦٣)، من حديث عائشة وأنس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>