للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: ٢١]، وَجَعَلَ لكم أيضًا {وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا} الأنعامَ جَمْعُ نَعَمٍ كبهيمةِ الأنعامِ.

{أَزْوَاجًا} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي: ذكورًا وإناثًا] من أَجْلِ الإنتاجِ والتنميةِ وغيرِ ذلك من المصالحِ.

{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بالمعجمةِ يَخْلُقُكم] ما معنى المعجمةِ؟ هل في القرآنِ شيءٌ عجميٌّ؟ لا، لكن يُعَبِّرُونَ عن المنقوطِ بأنه مُعْجَمٌ من بابِ تسميَةِ الشيءِ بِضِدِّهِ، وإلا فهو مُعْرِبٌ في الواقعِ؛ لأنَّه لولا هذه النقطُ مثلًا لأَشْكَلَ ولم يُفْهَمِ المعنى، إذن؛ المُعْجمُ: المُنَقَّطُ، وسُمِّيَ بذلك من باب تسميةِ الشيءِ بضِدِّهِ، كما يُسَمُّونَ التعبُّدَ بالتحنُّثِ، كما في حديثِ بدءِ الوحيِ "يَتَحَنَّثُ فيه" (١)؛ أي: يَتَعَبَّدُ.

المُعْجَمَةُ ضِدُّهَا المُهْمَلَةُ، فالشِّينُ ضدُّ السِّينُ، والذالُ معجمةٌ ضدَّ الدالِ، أمَّا الحركاتُ فيُسَمُّونَها مُثَلَّثَةً، أو بالوجْهَيْن، أو ما أَشْبَهَ ذلك، وأحيانًا يقولون: إذا كانت الكلمتان المشتبهتان كلتاهما معجمةٌ قالوا: بالمثلثةِ مثلَ: (التاءِ) و (الثاءِ) لو قالوا: معجمةٌ لم يَزَلِ الإشكالُ، ولكن يقولون: بالمثلثةِ، (الطاءُ) و (الظاءُ) يقولون: بالظاءِ المُشالةِ؛ يعني: الذي فيها ألفٌ، احترازًا من (الضادِ)؛ لأنَّها غيْرُ مشالةٍ. المهمُّ أنها اصطلاحاتٌ معروفةٌ عندَ العلماءِ.

وقولُ المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{يَذْرَؤُكُمَ} يَخْلُقُكُمْ] فَسَّرَ (يَذْرَأُ) بِـ (يَخْلُقُ)، وهو تفسيرٌ ناقصٌ؛ لأنَّ يَذْرَأُ لها معنًى زائدٌ على الخَلْقِ، وهو البثُّ والإنتشارُ، كما قال اللهُ تعالى في آيةٍ أخرى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: ١٦٤]، فالذَّرْءُ أخصُّ من


(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي، رقم (٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بدء الوحي، رقم (١٦٠)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>