للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخَلْقِ، فمعنى {يَذْرَؤُكُمْ} إذن: يَبُثُّكُم وَينْشُرُكُم.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فِيهِ}؛ أي: الجعلُ المذكورُ، أي يُكَثِّرُكُم بسبَبِهِ] انظرْ فَسَّرَ الأوَّلَ {يَذْرَؤُكُمْ} بـ (يَخْلُقُكُم) ثم قال [أي: يُكَثِّرُكُم] والتفسيرُ الثاني هو الأصحُّ، التكثيرُ والبثُّ والنَّشْرُ.

قال رَحِمَهُ اللهُ: [بالتوالُدِ والضميرُ للأناسيِّ والأنعامِ بالتغليبِ] {يَذْرَؤُكُمْ} يقولُ: إن الضميرَ - وهو الكافُ والميمُ - للأناسيِّ والأنعامِ، الأناسيُّ يعني: البشرَ، والأنعامَ: البهائمَ، للتغليبِ؛ لأنَّ الضميرَ هنا جاء ضميرَ العاقلِ، والأنعامُ لا يأتي لها ضميرُ العاقلِ؛ لأنَّها غيرُ عاقلةٍ، لكن جاء ذلك للتغليبِ لمَّا كان الذَّرْءُ للإنسانِ والبهائمِ قال: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} ولم يَقُلْ: يَذْرَؤُكُنَّ.

إذَن: التغليبَ قد يكونُ بتغييرِ الإسمِ، وقد يكونُ بالضميرِ، وما أَشْبَهَ ذلك، القمران للشمسِ والقمرِ تغليبٌ بتغييرِ الإسمِ؛ لأنَّ القمران لو فُكَّتْ عن التثنيةِ لكانت قمرٌ وقمرٌ، وليس كذلك المرادُ قمرٌ وشمسٌ، فهنا بتغييرِ الإسمِ.

الضميرُ هنا في قولِهِ: {يَذْرَؤُكُمْ} يعودُ على ما سَبَق ذِكْرُهُ من بهائِمَ وأناسيَّ على سبيلِ التغليبِ، لولا التغليبُ لوجب أن يكونَ الضميرُ ضميرًا مؤنثًا للبهائمِ وضميرًا مذكَّرًا للأناسيِّ.

قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{السَّمِيعُ} لما يقالُ {الْبَصِيرُ} لما يَفْعَلُ] جلَّ وعلا.

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{لَيْسَ كَمِثْلِهِ} الكافُ زائدةٌ؛ لأنَّه تعالى لا مِثْلَ له] الكافُ زائدةٌ، وزيادةُ الكافِ ليست غريبةً تأتي دائمًا زائدةً؛ ولهذا قال ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللهُ في

<<  <   >  >>