للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الألفيَّةِ - التي ينبغي لطالبِ النحْوِ ألَّا يتركَ حِفْظَهَا - يقولُ:

شبِّه بكافٍ وبها التعليلُ قد ... يُعنى وزائدًا لتوكيدِ وَرَدَ (١)

(شبِّه بكافٍ): تشبيهٌ، (وبها التعليلُ قد يُعنى) أي: قد يُرادُ بها التعليلُ، (وزائدًا) لتوكيدِ (وَرَدَ): يعني: وقد تأتي زائدةً.

في هذه الآيةِ الكافُ زائدةٌ بمعنى أنها لو حُذِفَتِ لاستقام الكلامُ، لو قيل: ليس مِثْلَهُ شيءٌ. يستقيمُ الكلامُ لا شكَّ، لكن جاءت الكافُ للتوكيدِ؛ كأنه نفى المِثْلَ مَرَّتَيْنِ: ليس كهو ليس مثلَهُ، فالزيادةُ هنا فيها زيادةُ المعنى، وهو أن كأنه نفى المثليَّةَ مَرَّتَيْن: مرَّةً عن طريقِ الكافِ، ومرَّةً عن طريقِ مثل، وبعضُهُم يقولُ: إن الزائدَ (مثل) وإن التقديرَ: ليس كهو شيءٌ، لكن هذا قولٌ ضعيفٌ؛ لأنَّه إذا دارَ الأمرُ بين أن تكونَ الزيادةُ حرفًا أو اسمًا فالواجبُ أن تكونَ الزيادةُ حرفًا؛ لأنَّه لم يأتِ في اللغةِ العربيةِ زيادةُ الأسماءِ؛ ولأنَّ الحرْفَ معناه في غيرِهِ فمجيئُهُ زائدًا ليس بغريبٍ، والإسمُ يدُلُّ على معنًى في نفْسِه، فإتيانُهُ زائدًا بعيدٌ.

إذن عندنا قولان:

الأوَّلُ: أن الكافَ زائدةٌ، وهذا سهلٌ، وجرى في اللغةِ العربيَّةِ مِثْلُه، وتكونُ الزيادةُ هنا للتوكيدِ، وبعضُهُم قال: الزائدُ (مِثْل) وهو قولٌ ضعيفٌ، بعضُهُم يقولُ: إن المِثْلَ هنا بمعنى الصفةِ. يعني: ليس كصِفَتِهِ شيءٌ، والمِثْلُ ذاتيٌّ بمعنى الصفةِ مِثْلَ قولِهِ تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: ٣٥]؛ أي: صِفَتُها، وهذا أيضًا ضعيفٌ؛ لأننا نقولُ: إن اللهَ ليس مِثْلَهُ شيءٌ، لا في ذاتِهِ، ولا في صفاتِهِ، بعضُهُم يقولُ:


(١) الألفية (ص: ٣٥).

<<  <   >  >>