للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَتَصَوَّرُهَا لا مثيلَ له، ولا نظيرَ له، كذلك في صفاتِهِ ليس له مثيلٌ، ليس له نظيرٌ في أيَّةِ صفةٍ من صفاتِهِ، ولْنَأْخُذِ العِلْمَ من صفاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ هل له نظيرٌ في هذه الصفةِ؟ لا نظيرَ له في هذه الصفةِ أبدًا، عَلِمَ كُلِّ ذي عِلْمٍ محدودٍ، أعلمُ الناسِ عِلْمُه محدودٌ.

قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: ٣٤] فأنت بنفْسِكَ لا تدري ماذا تَكْسِبُ غدًا، قد تُقَدِّرُ أنك سوف تعملُ كذا وكذا، ولكن لا تعملُ إما لصرفِ الهمَّةِ، وإما لمانعٍ خارجيٍّ، كلُّنا نُقَدِّرُ أننا غدًا سوف نَفْعَلُ كذا وكذا، لكن لا نَفْعَلُ ولا ندري ما يكونُ، قد يُصَرِّفُ الله هِمَّتَنا عن هذا الفعلِ، أو تُوجدُ موانعُ خارجيَّةٌ من مرضٍ أو سفرٍ أو حيلولةٍ بيننا وبين مرادِنا، لا ندري عنها.

أيضًا عِلْمُكَ محدودٌ بالمشاهدةِ، الغائبُ لا تُفَكِّرْ أن عندك علمًا منه، حتى في المشاهدِ علمُك ناقصٌ، الإنسانُ لا يَعْلَمُ ماذا يَفْعَلُ ولَدُهُ في بيتِهِ، ولا أهْلُه في بيتِهِ، بل أشدُّ من هذا وأضعفُ في العِلْمِ أنك لا تَعْلَمُ عن نفْسِك؛ سبحانَ اللهِ! روحُك التي بها حياتُك وهي في جِسْمِك لا تدري عنها، لمَّا سألوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الرُّوحِ ألْرْلَ اللهُ تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥]- ثم وَبَّخَهُم على هذا السؤالِ فقال: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] كأنه يقولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: تسألون عن الرُّوحِ وأنتم ما أَحَطْتُمْ بالأشياءِ، ما عَلِمْتُمْ عن الأشياءِ إلا قليلًا، ما بقي عليكم إلا علمُ الروحِ حتى تسألوا عنها، فإذا كان الإنسانُ لا يَعْلَمُ رُوحَه التي بَيْنَ جنبيه وبها حياتُه؛ فهو دليلٌ على نقصانِ العِلْمِ.

وفي عِلْم اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يقولُ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦]، كلُّ إنسانٍ، كلُّ حيوانٍ فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْلَمُ ما في نفْسِه، هل عَلِمَ المخلوقُ مثلَ

<<  <   >  >>