و"مختصر التقريب"، و"التحفة"، و"الخطب"، و"الأحكام الإسلامية"، و"الغياثى"، و"مغيث الخلق"، و"الغنية" في الخلاف، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، تفقه على والده، وتوفى أبوه وله عشرون سنة فأقعد مكانه للتدريس، وأحكم علم الأصول على أبى القاسم الإسفرائينى الإسكاف أحد تلامذة أبى إسحاق الإسفرائينى فعلق عنه أجزاء، قال: وطالعت في نفسى مائة مجلدة. ويحكى عنه أنه قال: ما تكلمت في علم الكلام كلمة حتى حفظت من كلام القاضى وحده اثنى عشر ألف ورقة، ويحكى أيضًا أنه قال للغزالى: يا فقيه فرأى في وجه الغزالى تغييرًا كأنه استثقل هذه اللفظة على نفسه فقال له: افتح هذا البيت ففتح مكانًا وجده مملوءًا بالكتب فقال: ما قيل لى فقيه حتى أتيت على هذه الكتب كلها. وكان يبكر قبل تدريسه إلى مسجد أبى عبد اللَّه الخبادي يقرأ عليه القرآن ثم اضطر إلى السفر حين ظهر التعصب للفريقين، فخرج إلى بغداد، ثم جاور بمكة أربع سنين يدرّس ويفتى ويجمع طرق المذهب، ثم عاد إلى نيسابور فاحتفل الناس به، ودرّس بالنظامية، وتفرّد ثلاث سنين من غير مزاحم ولا مدافع، مُسَلَّم له المحراب والمنبر والوعظ، والتدريس، والمناظرة، وكان يقعد بين يديه كل يوم نحوًا من ثلثمائة رجل، وكانت له وجاهة، زاهد عند السلطان والوزير، وفوضت أمور الأوقاف إليه، أنفقت له نهضة إلى أصبهان لسبب مخالفة بعض الأصحاب فلقى بها من المجلس النظامى ما كان لائقًا بمنصبه، وأجيب بما هو فوق مطلوبه، وعاد إلى نيسابور مكرهًا، وكان رحمه اللَّه من التواضع لكل أحد بمحل يتخيل منه الاستهزاء للمبالغة فيه، وتناظر هو والشيخ أبو إسحاق الشيرازى عند دخول الشيخ إلى نيسابور فيما لو أوردناه لطال، وقد تولى ذلك ابن الصلاح في أوراق، وسمع الحديث من جماعة وأخذ نهايته بشهر ببعض ذلك فإنه أورد أحاديث في أمهات الأولاد بأسانيده قال صاحب المهذب: تمتعوا بهذا الإمام فإنه نزهة هذا الزمان. روى عنه أنه قال له: يا مفيد أهل المشرق والمغرب لقد استفاد من علمك الأولون والأخرون، أنت اليوم إمام الأئمة. وقيل إن والده كان في أول أمره ينسخ بالأجرة، وأنه جمع من ذلك ما اشترى به حارية صالحة، ولم يزل يطعمها من كسب يده حتى حملت به فلما ولدته حرص على أن لايطعمه ما فيه أدنى شبهة، ويحكى أنه تلجلج يومًا في مجلس مناظره فقيل له ما هذا قال: ما أراها إلا آثار بقاء المصة لمصّة مصَّها من جارية في صغرة لشغل أمه عنه، فقليه والده وفرغه قال: فهذه اللجلجة من بقايا تلك الآثارة، وكان