إن الحمد للَّه نستعينه ونستهديه ونستغفره, ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد. . . .
لقد رفع اللَّه تعالى منزلة أهل العلم، وميزهم على خلقه وخصهم بمزيد كرمه وعنايته، يقول اللَّه تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. فلأهل العلم المنزلة الرفيعة في الدنيا والآخرة؛ لما بذلوه من جهد وطاقة في طلبهم للعلم الشرعى وقيامهم به، ونشره وتوصيله بأمانة للاُنام فبذلوا في ذلك كل غالٍ ونفيس، فكان حقا على أهل الإيمان أن يضعوا أهل العلم في مكانتهم التى وضعهم فيها ربهم عز وجل، وكان حق أهل العلم على أهل الإيمان:
أولًا: أن لا يذكروا إلا بالجميل الحسن.
ثانيًا: تعطير المجالس بذكر محاسنهم وفضائلهم.
ثالثًا: غض الطرف عن زلاتهم وما وقعوا فيه.
ولقد من اللَّه علينا ووفقنا في الوقوف على كتاب فيه من الكلام على أهل العلم بذكر محاسنهم وفضائلهم الكثير والكثير وهو كتاب:
"طبقات الفقهاء للإمام ابن الملقن".
فأهمية الاطلاع على كتب الطبقات وتراجم العلماء ترجع إلى أمور:
منها: أنه عند ذكر الصالحين من عباد اللَّه تعالى تتنزل رحمة اللَّه تعالى.
ومنها: معرفة مناقبهم وأحوالهم فنتأدب بآدابهم، ونقتبس المحاسن من آثارهم.
ومنها: معرفة مراتبهم ومنازلهم فينزلون منازلهم فلا يقصر بالعالى عن درجته، ولا يرفع غيره عن مرتبته.
ومنها: أنهم أئمتنا أسلافنا كالوالدين لنا، وأجدى علينا في مصالح آخرتنا، وأنصح لنا فيما يعود علينا فيقبح بنا أن نجهلهم وأن نهمل معرفتهم.