كما سبق في ترجمته، ثم الشيخ محيى الدين النووى فوق العشر سنين كما سيأتى في ترجمته، ثم الشيخ زين الدين الفارقى، ثم الشيخ صدر الدين ابن الوكيل، ثم الشيخ جمال الدين ابن الشربشى، ثم الحافظ جمال الدين المزِّى ثم قاضى القضاة تقى الدين السبكى.
[٤١٤ - عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامى.]
قاضى القضاة تاج الدين أبو محمد بن بنت الأعز أحد قضاة العدل، باشر مع القضاة الوزارة ونظر الدواوين وتدريس الشافعى، والصالحية والخطابة والمشيخة، واجتمع له من المناصب ما لم تجتمع قبله لفقيه سواه، وقرأ على المنذري سنن أبى داود، والعلامى نسبة إلى علامه بالتخفيف قبيلة من لخم، وإنما قيل له ابن بنت الأعز نسبة إلى جده لأمه الأعز وزير الكامل بن العادل، وكان الصاحب بهاء الدين بن الحنا يود لو دخل القاضى تاج الدين إلى منزله فلم يتفق ذلك حتى تمرَّض فعاده الناس وجاءه عائدًا، فلما رآه ابن الحنا وثب من الفراش ونزل من الإيوان فلما رآه القاضى قال: إنما جئنا لنعودك سلام عليكم ثم رد ولم يزد على ذلك، مات سنة خمس وستين وستمائة، ودفن بسفح المقطم، ومولده سنة أربع وستمائه وقيل أربع عشرة، وهو والد قاضى القضاة صدر الدين عمر، وقاضى القضاة تقى الدين عبد الرحمن والذى وزر أيضًا ووالد علامى الدين أيضًا، وستأتى ترجمتهم، وتاج الدين هذا يقال: إنه آخر قضاة العدل وبسببه عملت القضاة أربعة، وذلك لأنه سئل في أمر من جهة السلطنة فامتنع أن يدخل فيه فقيل له نائبك الحنفى فامتنع من ذلك فجزى ما جرى، وكان الشافعى يستنيب الثلاثة، وحُكى أن الملك الظاهر رأى في النوم فقيل له ما فعل اللَّه بك فقال: عذبنى عذابًا شديدًا بجعلى القضاة أربعة أى لأن الآراء اضطربت بعد أن كان المرجع إلى واحد، وحكى عن ابن الرفعة أن القاضى تاج الدين ضاق صدره يومًا ولم يعلم لذلك سببًا، وصار كلما تعاطى أسباب الانشراح لا يفيد شيءً فركب بغلته وأطلق لها عنانها وصارت تمشى به حيث شاءت، فسارت به إلى أماكن لا يعهدها حتى وردت دربًا غير نافذ فدخلت فيه وأتت بابًا فدفعته برأسها فتعجب وأمر غلامه بطرق ذلك الباب فقال الذى في الدار أنا عار مكشوف العورة
٤١٤ - السبكى (٨/ ٣١٨ - ٣٢٣)، وابن الصلاح مع الذيل (٢/ ٨٠٢)، والإسنوى (١/ ١٤٧ - ١٥٠)، وابن قاضى شهبة (٢/ ١٧٦).