للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يده كان خراب بيت العبيديين، وقد كان مبدأ ملكهم من سنة تسع وتسعين ومائتين، واستمروا إلى سنة سبع وستين، وخمسائة، وفعلوا كل قبيح، ولما توفى العاضد تهيَّب صلاح الدين من الخطبة لبنى عباس خوفًا من عود دولة العبيديين، وحذرًا من الشيعة فوثب الخبوشانى أمام المنبر بعصاه، وأمر الخطيب أن يذكر بنى عباس ففعل ولم يكن إلَّا الخير، وكتب إلى بغداد وأظهر من الفرح فوق الوصف، وانقطعت تلك الشجرة الخبيثة التي لو لم يكن فيها إلَّا الحاكم أحد خلفائه الذى ادعى الإهلية مرة وسوَّى بين الأزمان أخرى، ثم أخذ الخبوشاني في بناء الضريح الشريف المطلبي على ساكنه أفضل الرضوان، وكان ابن الكيزاني وهو رجل من المشبهة لا كما قال الذهبي إنه من أهل السنة مدفونًا عند الشافعى، فقال الخبوشانى: لا يكون صديق وزنديق في موضع واحد وجعل ينبش ويرمى عظام الموتى الذين حوله من أتباعه، وطهِّر ذلك المكان المقدَّس وتعصب المشبهة عليه ولم يبال بهم، وما زال حتى أنه ستر القبر والمدرسة، ودرس محلها، ولما خرج صلاح الدين إلى الفرنج نوبة الرملة جاء الخبوشانى إلى وداعه والتمس منه أمورًا من المكوس يسقطها عن الناس فلم يفعل، فقال له الشيخ: قم لانصرك اللَّه، ووكزه بعصا فوقعت قلنسوة السلطان عن رأسه فرحم لها، ثم نهض متوجهًا إلى الحرب فكسر ثم عاد إلى الشيخ، وقبل يده وعرف أن ذلك بسبب دعائه، وكان تقي الدين عمر بن أخى السلطان له مواضع يباع فيها المِرز فكتب الشيخ ورقة إلى السلطان: أن هذا عمر لا خيِّره اللَّه، له مواضع يبيع فيها المرز فسيرها السلطان إلى عمر وقال لا طاقة لنا بهذا الشيخ فأوصه فركب إليه فقال حاجبه: قف بباب المدرسة حتى أسبقك إليه فأوطئ لك. فدخل فقال: إن تقى الدين يسلم عليك، فقال الشيخ بل شقى الدين لا سلَّم اللَّه عليه قال إنه معتذر ويقول: ليس لى موضع يباع المرز، فقال يكذب فقال: إن كان هناك موضع المِرْز فأرناه فقال له الشيخ أُدن وأمسك ذؤابته وجعل يلطم على وجهه وخديه ويقول: ليست مزَّارًا فأعرف مواضع المِرْز فخلصوه من يده وخرج إلى تقى الدين وقال فديتك نفسى ودخل يومًا القاضى الفاصل وزير السلطان لزيارة الشافعى، فجعل يلقى الدرس على كرسى ضيق فجلس على طرفه وجنبه إلى القبر فصاح الشيخ فيه قم قم ظهرك إلى الإمام، فقال الشيخ الفاصل: إن كنت مستدبره بقالبى مستقبله بقلبى. فصاح فيه

<<  <   >  >>