للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغدا الثور يشرِّق متنَه للشمس ليجفَّ ما عليه من الندى، فظهر له أُولى سوابقِ الكلاب قريبا تُوزَع. قال الأصمعي: "تُوزَع": تُكَفّ (١) ليجتمع بعضُها إلى بعض. وقال غيره: تُغرَى.

فاهتاجَ مِن فَزَعٍ وسَدَّ فُروجَه ... غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ (٢)

ويروَى: "فانصاع (٣) من فَزَعٍ". "وسَدَّ فُروجَه"، بالعَدو.

والفُروج: ما بين القوائم. والغُبْر: الكلاب تَضرب إلى الغُبْرة. ضَوارٍ: قد ضَرِيَتْ وتعوّدتْ. وافيان: لم تُقْطعَ آذانُهما. وأَجْدَع: قد قُطِعت أذنه، وهي علامةُ تُعلَّم بها الكلاب.

يَنْهشنَه ويَذُبُّهُنّ ويَحْتَمِي ... عَبْلُ الشَّوَى بالطُّرَّتَيْنِ مُوَلَّعُ (٤)


(١) تكفّ، أي تكفّ عن التقدم ويردّ ما سبق منها إلى ما تخلف عنها؛ وإنما يريد الصائد جمع كلابه بعضها إلى بعض، لأنها إذا لقيت الثور فرادى لم تقو وقتلها واحدا بعد واحد، وإذا اجتمعت أعان بعضها بعضا.
(٢) في رواية "فارتاع". وفروج الثور: ما بين قوائمه. يقول: إنه حين رأى الكلاب قادمة نحوه ملأ ما بين قوائمه بالعدو الشديد الذي لم يدع انفراجا بينها لسرعة حركتها؛ فأسند الفعل إلى الغبر -وهي الكلاب التي تضرب إلى الغبرة- لأنها هي التي أفزعته وحملته على العدو. ويجوز أن يفسر قوله: "وسدّ فروجه غبر" بأن الكلاب دخلت بين قوائمه وأتته من جميع وجوهه، فلم تدع له وجها ينفذ منه. وفي رواية: "غبس" مكان قوله: "غبر" "وهي رواية في الأصل أيضا، وهي الكلاب تضرب غبرتها إلى السواد. وروى: "غضف" والغضف من الكلاب: التي طالت آذانها واسترخت وتكسرت خلقة، الواحد أغضف.
(٣) فانصاع أي ذهب في ناحية.
(٤) في رواية: "ينهسنه" بالسين. قال الأصمعي في الفرق بين النهش والنهس: إن النهش هو تناول اللحم أو الشيء من غير تمكن شبيها بالاختلاس. والنهس: أن يأخذ الشيء، متمكنا بمقدم الأسنان؛ نقله ابن الأنباري، وفي رواية: "ويذودهن". يقول: إن الكلاب ينهشن الثور وهو يدفعهن عنه ويحتمى منهنّ؛ ثم وصفه بأنه غليظ القوائم في طرتيه ألوان مختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>