للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد وردتَ (١) الماءَ لم يَشرَب به ... بين الرَّبيع إلى شهور الصَّيِّفِ

إلاَّ عَواسلُ كالمِراط مَعِيدةٌ ... بالليل مَوْردَ أَيِّمٍ متغضِّفِ

عَواسل، يعني تَعسِل في مَشْيها، تمرّ مرّا سريعا، وإنما يعني ذئابا، ويقال: الذئب يَعسِل وينَسِل، إذا مرّ مرّا سريعا (٢)؛ وقال الجعديّ:

عَسَلانَ الذِّئب أَمسَى قارِبًا ... بَرَدَ اللّيلُ عليه فنَسَلْ

ويُروَى إلّا عَواسر، يقول: هذه الذئاب تَعسِر بأذنابها (٣). والمِراط، النَّبْل المتمرِّطة الريِّش. وقوله: معيدة أي معيدةُ الشُّرْب. والأَيمْ: الحيّة. والأصل الأَيِّم ولكن خَفِّفوا. وقوله متغضِّف أي منطوٍ متثَنٍّ. وقوله: معيدة، أي معاوِدة لذلك مرّة بعد مرّة.

يَنسلن في طُرُقٍ سَباسِبَ حَوْلَه ... كقِداحِ نَبْلِ محبِّرٍ لم تُرْصَفِ

لم يَعرِف أبو إسحاق هذا البيتَ ولا الّذى بعده، وعرفهما الرِّياشيّ، قال: أنشَدَنيهما الأصمعىّ في هذا الموضع، قال: وأخبرني الأصمعىّ قال: كان طُفَيل الغَنَوىّ يسمَّى في الجاهلية محبِّرا، وذلك لأنّه كان يزيِّن شِعرَه ويحسِّنُه. والمحبِّر: المحسِّن المزيِّن للشيء. وقوله: يَنسلْن، يعني ذئابا يَنْسلْن، وهو شبيه بالعَسَلان. والسَّباسب: جمع سَبْسَب، ومِثْلُه البَسْبَس، وهو المستوِى البعيد، والجمع البَسابسِ.


(١) في الأصل؛ وردت "بضم التاء" والصواب فتحها كما قاله ابن برى في البيت التاسع عن هذه القصيدة؛ وقد ذكرنا قوله في الحاشية رقم ٣ من صفحة ١٠٦.
(٢) زاد في اللسان (مادة عسل): في معنى عسلان الذئب: واضطرب في عدوه وهز رأسه.
(٣) تعمر بأذنابها، أي تكسر أذنابها إذا عدت قاله في اللسان (مادة عسر) وأنشد هذا البيت وروى فيه "كالقداح" من قوله: "كالمراط".

<<  <  ج: ص:  >  >>