للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: لا أَبصرتْ، دعاءٌ عليها. ضَلّت كما يَضلّ الأعمى، يدعو عليها يقول: أَعمَى الله بصَرها حتى لا تهتدى إلى البيت.

وإنّى لأُثْوِى الجُوعَ حتى يَملَّنى ... فيَذهبَ لَم يَدْنَسْ ثيابى ولا جِرْمى (١)

لَأُثوِى الجوعَ، يقول: أطيلُ حبسَه عندي حتى يَمَلنَّى. يقول: أَصبِر صَبْرا شديدا. والجِرْم: الجسد. يقول: لَم يَلحقْنى عار.

وأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فأنتهِى (٢) ... إذا الزاد أَمسَى للمزلجَّ (٣) ذا طَعْم

يقول: أَغتبِق الماءَ القَراح تكّرما فتنتهى نفسى، وأنشَدَ لحسّانَ بنِ ثابت:

وأُكثِرُ أهلى من عِيالٍ سواهمُ ... وأَطوِى على الماءِ القَراحِ المبرَّدِ

وأنشد لعنترة:

ولقد أَبِيتُ على الطَّوَى وأَظَلُّه ... حتّى أَنالَ به كريم المأكَلِ

والمزلَّج: الّذى ليس بالمَتين، وهو الأمر الخفيفُ الّذى ليس بكثيف وكذلك هو أيضا من الرجال الّذي ليس بالتامّ (٤). وَعَيْشٌ مُزَلجَّ: إذا كان فيه بعض


(١) ذكر صاحب الأغانى فى ترجمة أبى خراش ج ٢١ ص ٦٠ طبع بولاق أن أبا خراش أقفر من الزاد أياما، ثم مر بامرأة من هذيل جزلة شريفة، فأمرت له بشاة فذبحت وشويت، فلما وجد بطنه ريح الطعام قرقر، فضرب بيده على بطنه وقال: إنك لتقرقر لرائحة الطعام، والله لا طعمت منه شيئًا. ثم قال: يا ربة البيت؛ هل عندك شيء من صبر أو مر؟ قالت: تصنع به ماذا؟ قال: أريده، فأتته منه بشئ فاقتمحه ثم أهوى إلى بعيره فركبه، فناشدته المرأة فأبي، فقالت له: يا هذا، هل رأيت بأسا أو أنكرت شيئا؟ قال: لا والله، ثم مضى وأنشأ يقول: "وإنى لأثوى الجوع" (الأبيات) إلى قوله * فللموت خير من حياة على رغم *
(٢) روى فى الأغانى "فأكتفى" مكان قوله: "فأنتهى".
(٣) ضبط المزلج فى الأصل بكسر اللام المشددة، والصواب فتحها كما فى كتب اللغة.
(٤) ورد فى كتب اللغة التي بين أيدينا للمزلج بفتح اللام مشددة عدة معان، وهى أنه البخيل، والدون من كل شيء، والذى ليس بتامّ الحزم، والناقص الضعيف، والناقص الخلق بفتح الخاء، والملزق بالقوم وليس منهم؛ ولم يرد فيها أنه الأمر الخفيف الذى ليس بكثيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>