الحمد لله رب العالمين، "أحمدُه حمدًا كما ينبغي لكرم وجهه وعِزِّ جلاله، وأستعينُه استعانة من لا حول له ولا قوَّة إلَّا به، وأستهديه بِهُداهُ الذي لا يَضِلُّ مَنْ أنْعَم به عليه، وأستغفره لما أزلفتُ وأخَّرْتُ؛ استغفارَ مَنْ يُقِرُّ بعبوديَّته، ويعلم أنه لا يغفرُ ذنبَه ولا يُنْجِيهِ منه إلّا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله" (١)، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أمّا بعدُ؛ فهذه رسالةٌ جليلةُ القَدْرِ، نبيلةُ المقْصِد، صادقةُ اللَّهجة، مُشرِقةُ المعاني، بَعَثَ بها عالمٌ ربانيٌّ إلى بعضِ إخوانِه، ليُحدِّثهم فيها -حديثَ الناصحِ الوَجِل، والمُشْفِق الحَدِب- عن ذكر الله تعالى، وما يحصُلُ به مِنْ حياةِ القلوب، وشفاءِ الصدور، ومتاعِ الأرواح، وبهجةِ الأنفس، وقُرَّةِ العَيْن، ونعيمِ الدنيا.
ولِيَقُصَّ عليهم في سُطورها منزلةَ هذه العبادة العظيمة، ورفيعَ مقامها، وجليلَ مكانِها، ووافِر هِباتِها وعوائِدها على أهلها.
وليُبَصِّرهم في أثنائها موضعَ هذه الشَّعيرة من هذا الدين، وأنها مِنْهُ بالمحلِّ الأسنى، والمقامِ الأسمى، والدَّرجةِ العاليةِ الرفيعة.
ولِيَتْلُوَ عليهمِ من كتاب ربِّهم، وحديث رسوله ﷺ بعض ما ورد بفضلها، ونَطَقَ بِشَرَفِها.