للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ" (١).

وهذه صفة من صفات الرب ؛ فإنه يعطي ولا يأخذ، ويُطعِم ولا يُطْعَم، وهو أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، وأحبُّ الخلق إليه من اتصف بصفاته (٢)؛ فإنه كريم يحب الكريم من عباده، وعالم يحب العلماء، وقادر يحب الشجعان، وجميل يحب الجمال.

روى الترمذي في "جامعه" قال: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا أبو عامر: أخبرنا خالد بن إلياس، عن صالح بن أبي حسان، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: "إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أخبيتكم (٣) ولا تَشَبَّهوا باليَهود". قال: فذكرت ذلك للمهاجر بن مسمار فقال: حدَّثنيه عامر بن سعد عن أبيه رضي الله تعالى عنه عن النبي مثله، إلا أنه


(١) ورد في هذا آثارٌ عن بعض السلف.
انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٦/ ٢١٦ - ٢١٨)، و"حلية الأولياء" (٣/ ٢٧٥، ٨/ ٢٤٢)، و"الدر المنثور" (٢/ ٧٠٦).
(٢) (ح): "بمقتضيات صفاته". وقد أشكل هذا الحرفُ على بعض من علّق على الكتاب، ولا إشكال فيه، وقد بسط المصنّف هذا المعنى في كثير من كتبه.
انظر: "عِدة الصابرين" (٨١، ٣٩٣، ٤٢٨)، و"شفاء العليل" (١/ ٣٢٢ - ٣٢٣)، و"طريق الهجرتين" (٢١٤ - ٢١٥)، و"روضة المحبّين" (١٠٠).
(٣) كذا بالأصل، وفي مطبوعة "جامع الترمذي" بدل قوله "أخبيتكم": "أراه قال: أفنيتكم".
وعلى هذا شرحه المباركفوري، فقال في "تحفة الأحوذي" (٨/ ٦٨) -بعد قول الراوي في آخر الحديث: "إلّا أنه قال: فنظفوا أفنيتكم"-: " (إلّا أنّه) أي مهاجر (قال) أي: في روايته (فنظفوا أفنيتكم) أي: بلا تردّد وشك".

<<  <  ج: ص:  >  >>