للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم، فلهم نصيب من قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [مريم: ٣١]، فهكذا المؤمن مبارك أين حَلَّ، والفاجر مشؤوم أين حَلّ.

فمجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس الغفلة مجالس الشياطين، وكلٌّ مضافٌ إلى شكله وأشباهه، وكلُّ امرئ يَصْبُو (١) إلى ما يناسبه.

الثالثة والخمسون: أن الله ﷿ يباهي بالذاكرين ملائكتَه، كما روى مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاويةُ على حَلْقَةٍ في المسجد، فقال: ما أجْلَسَكُمْ؟ قالوا: جلسْنَا نَذْكُر الله تعالى. قال: آللهِ ما أجْلَسكُم إلَّا ذاك؟ قالوا: والله ما أَجْلَسَنا إلَّا ذاك.

قال: أما إنّي لم أسْتَحْلِفْكُم تُهْمَةً لكم، وما كان أحَدٌ بمنزلتي من رسول الله أقلَّ عنه حديثًا مني، وإنَّ رسول الله خرج على حَلْقَةٍ من أصحابه، فقال: "ما أجْلَسَكُم"؟ قالوا: جلسنا نَذْكُرُ الله تعالى ونحْمَدُه على ما هدانا للإسلام ومنَّ به علينا.

قال: "آللهِ ما أجْلَسُكُم إلَّا ذاك؟ " قالوا: والله ما أجْلَسَنَا إلَّا ذَاك.

قال: "أما إنِّي لم أسْتَحْلِفْكُم تُهْمَةً لكم، ولكنّه أتَاني جبريلُ فأخبرني أنَّ الله يباهي بِكم الملائكة" (٢).


= مع الناس. انظر: "تحقة الأحوذي" (١٠/ ٤٢).
(١) (ح): "يصير".
(٢) "صحيح مسلم" (٢٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>