للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القلوب، لا على الأبدان، والمعوَّل على الساكن، لا على الأطلال، والاعتبار بالمحرِّك الأوّل، فالذكر يُثِير العزم الساكن، ويهيِّج الحُبَّ المتواري، ويبعث الطلب الميِّت.

السادسة والثلاثون: أن الذِّكر نورٌ للذاكر في الدنيا، ونورٌ له في قبره، ونورٌ له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط، فما استنارت القلوب والقبور (١) بمثل ذكر الله تعالى.

قال الله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: ١٢٢]، فالأول هو المؤمن استنار بالإيمان بالله ومحبته ومعرفته وذكره، والآخر هو الغافل عن الله تعالى، المعرض عن ذكره ومحبته.

والشأنُ كلُّ الشأنِ، والفلاحُ كلُّ الفلاحِ في النور، والشقاءُ كلُّ الشقاءِ في فواته.

ولهذا كان النبي يبالغ في سؤاله (٢) ربه حين يسأله أن يجعله في لحمه، وعظامه، وعصبه، وشعره، وَبَشَره، وسمعه، وبصره، ومن فوقه، ومن تحته، وعن يمينه، وعن شماله، وخلفه، وأمامه، حتى يقول: "واجعلني نورًا" (٣).


(١) (ت) و (ح) و (ق): "ولا القبور".
(٢) (ح): "سؤال".
(٣) أخرجه مسلم (٧٦٣/ ١٨٧) من حديث ابن عباس .

<<  <  ج: ص:  >  >>