للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدّى لسيِّده ما استعمله فيه (١)، والمشركُ كمن استعمله سيده في داره، فكان يعمل ويؤدي خراجه وعمله إلى غير سيِّده، فهكذا المشرك يعمل لغير الله تعالى في دار الله تعالى، ويتقرب إلى عدو الله تعالى بنعم الله تعالى عليه.

ومعلوم أن العبد من بني آدم لو كان له مملوك (٢) كذلك لكان أمقت المماليك عنده، وكان أشد شيء غضبًا عليه، وطردًا له وإبعادًا، وهو مخلوق مثله، كلاهما في نعمة غيرهما، فكيف برب العالمين الذي ما بالعبد من نعمةٍ فمنه وحده لا شريك له، ولا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يصرف السيئات إلا هو، وهو وحده المنفرد بخلق عبده، ورحمته، وتدبيره، ورزقه، ومعافاته وقضاء حوائجه؟!

فكيف يليق به مع هذا أن يَعْدِلَ به غيرَه في الحب، والخوف، والرجاء، والحلف، والنذر، والمعاملة، فيحب غيره كما يحبه أو أكثر، ويخاف غيره ويرجوه كما يخافه أو أكثر؟!.

وشواهدُ أحوالهم -بل وأقوالهم وأعمالهم (٣) - ناطقةٌ بأنهم يحبون أندادهم (٤) من الأحياء والأموات، ويخافونهم، ويرجونهم، ويعاملونهم، ويطلبون رضاهم، ويهربون من سخطهم = أعظمَ مما يحبون الله تعالى، ويخافونه، ويرجونه، ويهربون من سخطه.


(١) من قوله: "في داره" إلى هنا، ساقط من (ت).
(٢) (ح): "مملوكه".
(٣) (ح) و (م): "وأفعالهم".
(٤) (ح): "أنداده".

<<  <  ج: ص:  >  >>