للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإنما يستقيم له هذا باستقامة قلبه وجوارحه؛ فاستقامة القلب بشيئين:

أحدهما: أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحابِّ (١)، فإذا تعارض حب الله تعالى وحب غيره سبق حُبُّ الله تعالى حُبَّ ما سواه، فرتّب على ذلك مقتضاه.

وما أسهل هذا بالدعوى، وما أصعبه بالفعل!، فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.

وما أكثر ما يُقَدِّم العبد ما يحبه هو ويهواه، أو يحبه كبيره أو أميره أو شيخه أو أهله على ما يحبه الله تعالى، فهذا لم تتقدم محبة الله تعالى في قلبه جميع المحابّ، ولا كانت هي الحاكمة عليها، المؤمَّرة عليها، وسُنَّةُ الله تعالى فيمن هذا شأنه أن يُنَكِّدَ عليه مَحَابَّه، ويُنَغِّصها عليه، فلا ينال شيئًا منها إلا بنكدٍ وتنغيصٍ، جزاءً له على إيثاره هواه وهوى من يُعَظِّمُه من الخلق أو يُحِبُّه (٢) على محبة الله تعالى.

وقد قضى الله ﷿ قضاءً لا يُردُّ ولا يُدْفَع، أن من أحب شيئًا سواه عُذِّبَ به ولا بُدّ، وأنّ من خاف غيره سُلِّطَ عليه، وأن من اشتغل بشيء غيره كان شُؤْمًا عليه، ومن آثر غيره عليه لم يُبارك له فيه، ومن


(١) (ت): "تتقدم عنده جميع المحابّ".
(٢) (م): "أو يحبّه أو يقدم محبته".

<<  <  ج: ص:  >  >>