للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُخفِّفُ المَشَاقَّ، فما ذُكِر الله ﷿ على صعبٍ إلا هان، ولا على عَسيرٍ إلا تَيَسَّر، ولا مشقَّةٍ إلا خَفَّتْ، ولا شِدَّةٍ إلَّا زَالت، ولا كُرْبَةٍ إلا انفرجت، فَذِكْرُ الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليُسْرُ بعد العُسْرِ، والفرج بعد الغم والهم. يوضحه:

الستون: أن ذكر الله ﷿ يُذْهِب عن القلب مَخَاوِفَه كلَّها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن، فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله ﷿، فإنّه (١) بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه، حتى كأن المخاوفَ التي يحذرها (٢) أمانٌ له، والغافلُ خائف مع أَمْنِه، حتى كأنَّ ما هو فيه من الأمنِ كلِّه مخاوفٌ، ومَنْ له أدنى حِسٍّ قد جَرَّبَ هذا وهذا. والله المستعان.

الحادية والستون: أن الذكر يُعْطِي الذَّاكر قُوَّةً، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لا يُطِيق فِعْلَه بدونه، وقد شاهدتُ من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في مِشْيته (٣)، وكلامه، وإقدامه، وكتابته، أمرًا عجيبًا؛ فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جُمعة أو أكثر، وقد شاهد العَسْكرُ من قُوَّتِه في الحرب أمرًا عظيمًا.

وقد علَّم النبي ابنته فاطمة وعليًّا -رضي الله تعالى عنهما- أن يسبِّحا كل ليلة إذا أخذا مضاجِعَهما ثلاثًا وثلاثين، ويَحْمَدا ثلاثًا


(١) (ح): "إذْ".
(٢) (ت): "التي يجدها"، وفي (م): "كأن المخاوف يجدها أمانًا له".
(٣) (ت) و (ق): "مَشْيه"، وفي (ح): "سننه"، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>