للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اذْكُر الله تعالى تحت كل شجرةٍ ومَدَرَةٍ، فقال: زدني، فقال: اذكر الله تعالى حتى يحسبك الناس من ذِكْر الله تعالى مَجْنُونًا. قال: وكان أبو مسلم يكثر ذكر الله تعالى، فرآه رجل وهو يذكر الله تعالى، فقال: أمجنون صاحبكم هذا؟ فسمعه أبو مسلم فقال: ليس هذا بالجنون يا ابن أخي، ولكن هذا دواء الجنون! (١).

السادسة والأربعون: أن في القلب قسوةً لا يُذِيبها إلّا ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى.

وذَكَر حماد بن زيد، عن المُعَلَّى بن زياد، أن رجلًا قال للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي، قال: أَذِبْهُ بالذِّكر (٢).

وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة (٣) اشتدت به القسوة، فإذا ذكر اللهَ تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار، فما أُذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله ﷿.

السابعة والأربعون: أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه،


(١) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٨٤)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٧/ ٢٠٨).
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "الزهد" (٢٦٦)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢/ ٥٨٨).
وفي رواية عبد الله: "أَدْنِه من الذكر. أي: ممّن يذكُر".
وعند البيهقي -كما في المطبوعة-: "أدِّبْه بالذكر"، وفي رواية "أدِّبْه من الذكر"، وذكر المحقّق أنّ في إحدى النسخ: "أدْنيه".
(٣) (ت): "العلّة"، وفي (ق): "القسوة".

<<  <  ج: ص:  >  >>