للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله عز وجل، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨، ١١٦].

والظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوانٌ لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشِّرك به؛ فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به.

وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئًا، وهو ظلم العباد (١) بعضهم بعضًا؛ فإن الله تعالى يستوفيه كله.

وديوانٌ لا يعبأ الله به شيئًا، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل (٢)؛ فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمْحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك، فإنه لا يُمْحى إلا بالتوحيد. وديوانُ المظالم لا يُمْحى إلا بالخروج منها إلى أربابها، واستحلالهم منها.


(١) "العباد" من (م) و (ق).
(٢) ورد هذا المعنى في حديث "الدّواوين عند الله ثلاثة. . .".
أخرجه أحمد (٨/ ٤٧٠)، والحاكم (٤/ ٥٧٥ - ٥٧٦) وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بإسناد ضعيف، وصحّحه الحاكم فتعقّبه الذهبي، وصححه السّرخسي في "شرح كتاب الكسب لمحمد بن الحسن" (٢٢٤)!.
وله شواهد من حديث سلمان وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم يُحسَّن الحديث بها.
انظر: "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٤٨)، و"السلسلة الصحيحة" (١٩٢٧)، و"مختصر استدراك الذهبي على مستدرك الحاكم" لابن الملقّن (٧/ ٣٥١٩ - ٣٥٢٢).