للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإحسان، ومطالعةُ عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار، والافتقار والتوبة في كل وقت، وأن لا يرى نفسه إلا مفلسًا.

وأقربُ بابٍ دخل منه العبد على الله تعالى باب الإفلاس (١)، فلا يرى لنفسه حالًا، ولا مقامًا، ولا سببًا يتعلق به، ولا وسيلة منه يَمُنُّ بها (٢)، بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصِّرْف، والإفلاس المَحْض، دخولَ من قد كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سُوَيْدائه فانصدع، وشملته الكَسْرة من كل جهاته، وشهد ضرورته إلى ربه ﷿ وكمال فاقته وفقره إليه، وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقةً تامةً، وضرورةً كاملةً إلى ربه ، وأنه إن تخلى عنه طرفة عينٍ هَلَكَ، وخسر خسارة لا تُجْبَر؛ إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته.

ولا طريق إلى الله تعالى أقرب من العبودية، ولا حجاب أغلظ من الدَّعْوى!.

والعبوديةُ مدارها على قاعدتين هما أصلها: حب كامل، وذل تام. ومنشأ هذين الأصلين عن ذَيْنِكَ الأصلين المتقدمَيْن، وهما: مشاهدة المِنّة التي تورث المحبة، ومطالعة عيب النفس والعمل التي تورث الذل التام.


(١) انظر: "مدارج السالكين" (٣/ ٣٨).
(٢) كذا في (ح) و (ق)، وفي (ت): "يمُتُّ بها"، وفي (م): "ولا وسيلة ولا مِنّة يمنُّ بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>