للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أن الله ﷿ قد أَمَدَّ العبد في هذه المدة اليسيرة بالجنود، والعُدَد، والإمداد، وبَيَّن له بماذا يُحْرِزُ نفسه من عدوه، وبماذا يَسْتَفِكُّ نفسه إذا أسره.

وقد روى الإمام أحمد ، والترمذي، من حديث الحارث الأشعري، عن النبي أنه قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات، أن يعمل بها، ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا بها، وأنه كاد أن يُبطئ بها، فقال له عيسى : إن الله تعالى أمرك بخمس كلمات لتعمل بها، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم، وإما أن آمُرَهُم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يُخْسَف بي أو أُعَذَّبَ، فجمع يحيى الناس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد، وقعدوا على الشُّرَفِ، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعْمَلَهُن، وآمُركم أن تَعَمَلُوا بهن.

أوّلهن: أن تعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا، فإنَّ مَثَلَ من أشرك بالله كمثل رجلٍ اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو وَرِقٍ، فقال له: هذه داري، وهذا عملي، فاعمل وأدِّ إليَّ، فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيُّكُم يرضى أن يكون عبده كذلك؟!

وإنّ الله أمركم بالصَّلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإن الله ينصب وجهه لوجْهِ عبده في صلاته، مالم يلتفِتْ.

وأمَرَكم بالصِّيَامِ؛ فإنّ مَثَلَ ذلك كمَثَل رجلٍ في عصابة، معه صُرّة فيها مسك، فكلهم يعجب أو يعجبه ريحه، وإن ريح الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>