للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض السلف: "ابنَ آدم، أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج. فإن بدأت بنصيبك من الدنيا أضعت نصيبك من الآخرة، وكنت من نصيب الدنيا على خطر، وإن بدأت بنصيبك من الآخرة فُزْتَ بنصيبك من الدنيا فانتظمته انتظامًا" (١).

وكان عمر بن عبد العزيز يقول في خطبته: "أيها الناس، إنكم لم تُخلقوا عبثًا، ولم تُتركوا سدى، وإن لكم مَعَادًا يجمعكم الله ﷿ فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم، فخاب وشَقِيَ عبد أخرجه الله ﷿ من رحمته التي وسعت كل شيء، وجنته التي عرضها السموات والأرض، وإنما يكون الأمان غدًا لمن خاف الله تعالى واتقى، وباع قليلًا بكثير، وفانيًا بباقٍ، وشقاوة (٢) بسعادة، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفكم بعدكم الباقون؟!، ألا ترون أنكم في كل يوم تشيِّعون غاديًا إلى الله ورائحًا قد قضى نحبه، وانقطع أمله، فتضعونه في بَطْنِ صدْعٍ من الأرض غير موسّد ولا مُمَهَّد، قد خلع الأسلاب (٣)، وفارق الأحباب، وواجه الحساب؟! " (٤).


(١) أخرجه هنّاد في "الزهد" (٥٣٠، ٥٣١)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٣/ ٣٤٦)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٣٥) وغيرهم عن معاذ بن جبل موقوفًا.
قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٢١): "رجاله رجال الصحيح، إلّا أني لم أجد لابن سيرين سماعًا من معاذ". قلت: لأنه لم يدركه.
(٢) (ت) و (م) و (ق): "وشقوة"، ولم ترد هذه العبارة في سياق الخطبة عند أبي نعيم في "الحلية".
(٣) (ح) و (م) و (ق): "الأسباب"، والمثبت من (ت) و"الحلية".
(٤) أخرجها أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٢٦٦، ٢٨٧، ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>