للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعيةُ الحاصلة للذاكر معيَّةٌ لا يشبهها شيء، وهي أخص من المعية الحاصلة للمُحْسِن والمُتَّقِي، وهي معية لا تدركها العبارة، ولا تنالها الصفة، وإنما تُعْلَم بالذَّوْق (١)، وهي مزلّة أقدامٍ إن لم يَصْحَب العبدَ فيها تمييزٌ بين القديم والمُحْدَث، وبين الرب والعبد، وبين الخالق والمخلوق، والعابد والمعبود، وإلا وقع في حُلُولٍ يضاهي به النصارى، أو اتحادٍ يضاهي به القائلين بوحدة الوجود، وأن وجود الرب عين وجود هذه الموجودات، بل ليس عندهم ربٌّ وعَبْدٌ، ولا خَلْقٌ وحَقّ، بل الرب هو العبد، والعبد هو الرب، والخلق المُشَبَّه هو الحَقُّ المُنَزَّه (٢)، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوًّا كبيرًا.

والمقصود: أنه إن لم يكن مع العبد عقيدة صحيحة، وإلا فإذا استولى عليه سلطان الذكر، وغاب بمذكوره عن ذكره وعن نفسه؛ وَلَج باب الحُلول والاتحاد ولابُدّ.

الثالثة والأربعون: أن الذكر يَعْدِلُ عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والحمل على الخيل في سبيل الله Object، ويَعْدِلُ الضرب بالسيف في


(١) انظر: "طريق الهجرتين" (٤٧٩ - ٤٨٠)، و"مدارج السالكين" (٣/ ٩١ - ٩٦، ٤٤٢).
(٢) هذه عبارة ابن عربي في "الفصوص" (١/ ٧٨).
وانظر: "بغية المرتاد" (٤٠٥)، و"الجواب الصحيح" (٤/ ٣٠٠)، و"مجموع الفتاوى" (٢/ ١١٢ - ١١٣، ١٢١ - ١٢٢)، و"الصواعق المرسلة" (٣/ ٩٣١ - ٩٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>