للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم القيامة. وهذا قريب من قوله : "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" (١).

وليس المراد تقييد نفى الإيمان المطلق عنه حالة مباشرته تلك الأفعال فقط، بحيث إذا كَمُلَتْ مباشرته وانقطع فعله عاد إليه الإيمان، بل هذا النفي مستمر إلى حين التوبة، وإلا فما دام مُصِرًّا وإن لم يباشر الفعل (٢) فالنفي لاحِقٌ به، ولا يزول عنه اسم الذم والأحكام المترتبة على المباشرة إلا بالتوبة النصوح، والله أعلم.

قلتُ (٣): وفصلُ النزاع في المسألة أن يقال: حيث أخبر النبي بأن ذلك الطِّيب يكون يوم القيامة؛ فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال ومُوجِباتها من الخير والشر، فيظهر للخلق طِيبُ ذلك الخُلوف على المسك، كما يظهر فيه رائحة دم المكلوم في سبيله (٤) كرائحة المسك، وكما تظهر فيه السرائر وتبدو على الوجوه وتصير علانية، ويظهر (٥) فيه قبح رائحة الكفار وسواد وجوههم.

وحيثُ أخبر بأن ذلك "حين يَخْلُف" و"حين يُمْسُون"؛ فلأنه وقت ظهور أثر العبادة، ويكون حينئذ طِيبُها زائدًا على ريح المسك عند الله


(١) أخرجه البخاري (٦٨١٠)، ومسلم (٥٧) من حديث أبي هريرة ، وتكملة الحديث: "والتوبةُ معروضةٌ بَعْدُ".
(٢) (م): "مصرًّا على مباشرة الفعل"، وهو خطأ، والمثبت من (ت) و (ح) و (ق).
(٣) "قلت" من (م).
(٤) (ت) و (م): "الشهيد في سبيل الله".
(٥) (ت): "وتظهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>