للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيب المسك في اليوم الذي يظهر فيه طيب دم الشهيد، ويكون كرائحة المسك، ولا ريب أن ذلك يوم القيامة؛ فإن الصائم في ذلك اليوم يجيءُ ورائحة فمه أطيب من رائحة المسك، كما يجيء المكلوم في سبيل الله ﷿ ورائحة دمه (١) كذلك، لا سيما والجهاد أفضل من الصيام؛ فإذا كان طِيب رائحته إنما يظهر يوم القيامة فكذلك الصائم (٢).

وأما حديث جابر: "فإنهم يُمْسُون وخلوف أفواههم أطيب من ريح المسك" فهذه جملة حالية لا خبرية، فإن خبر "أمسى" (٣) لا يقترن بالواو؛ لأنه خبر مبتدأ، فلا يجوز اقترانه بالواو. وإذا كانت الجملة حاليَّةً فلأبي محمد أن يقول: هي حالٌ مقدَّرة، والحالُ المقدرة يجوز تأخيرها عن زمن الفعل العامل فيها، ولهذا لو صَرَّح بيوم القيامة في مثل هذا، فقال: "يمسون وخلوف أفواههم أطيب من ريح المسك يوم القيامة" لم يكن التركيب فاسدًا، كأنه قال: "يمسون وهذا لهم يوم القيامة".

وأما قوله: "لَخُلوف فم الصائم حين يخلف" فهذا الظَّرفُ تحقيقٌ لمعنى المبتدأ (٤)، وتأكيد له، وبيان إرادة الحقيقة المفهومة منه، لا مَجازُه ولا استعارته (٥)، وهذا كما تقول: جهاد المؤمن حين يجاهد، وصلاته حين يصلي يجزيه الله تعالى بها يوم القيامة، ويرفع بها درجته


(١) من قوله: "أطيب من رائحة المسك" إلى هنا، ساقط من (ت).
(٢) (ت): "الصيام".
(٣) (ح) وأكثر مطبوعات الكتاب: "إمسائه"، وهو خطأ
(٤) (ت) و (ح) و (ق): "للمبتدأ".
(٥) (ت): "لا مجاز ولا استعارة".

<<  <  ج: ص:  >  >>