"وقد ذكرنا في الذكر نحو مائة فائدة في كتابنا "الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب"، وذكرنا هناك أسرار الذكر، وعظم نفعه، وطيب ثمرته. وذكرنا فيه أنّ الذكر ثلاثة أنواع: - ذكر الأسماء والصفات، ومعانيها، والثناءُ على الله بها، وتوحيده بها. - وذكر الأمر والنهي، والحلال والحرام. - وذكر الآلاء والنعماء، والإحسان والأيادي. وأنه ثلاثة أنواعٍ أيضًا: - ذكر يتواطأ عليه القلبُ واللسان، وهو أعلاها. - وذكر بالقلب وحده، وهو فى الدرجة الثانية. - وذكر باللسان المجرّد، وهو في الدرجة الثالثة. وقال في "جلاء الأفهام" (٦٢٠): "وهو (أي الذكر) أنواع: - ذكرُه بأسمائه وصفاته، والثناء عليه بها. - تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتمجيده، وهو الغالب من استعمال لفظ "الذكر" عند المتأخرين. - الثالث: ذِكرُه بأحكامه وأوامره ونواهيه، وهو ذِكْرُ أهل العلم، بل الأنواع الثلاثة هي ذكرُهم لربّهم. - ومن أفضل الذكر: ذكْرُه بكلامه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)﴾ [طه: ١٢٤]، فذكره هنا: كلامُه الذي أنزله على رسوله. - ومن ذكره سبحانه: "دعاؤه واستغفاره والتضرّع إليه. فهذه خمسة أنواعٍ من الذكر". والنوعان الأخيران المذكوران في "جلاء الأفهام" هنا لم يذكرهما المصنّف في كتابنا هذا، ولا في "المدارج".