للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر: "إنه لتمرُّ بي أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عَيْشٍ طيِّب".

فمحبةُ الله تعالى، ومعرفته، ودوام ذكره، والسكون إليه، والطمأنينة إليه، وإفراده بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والمعاملة، بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته = هو جَنَّةُ الدنيا، والنعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو قرة عين المُحِبّين، وحياة العارفين.

وإنما تَقَرُّ أعين الناس (١) بهم على حسب قرة أعينهم بالله ﷿؛ فمن قَرَّتْ عينه بالله قَرَّتْ له (٢) كُلُّ عين، ومن لم تَقَرَّ عينه بالله تقطَّعت نفسه على الدنيا حسرات.

وإنما يصدِّق بهذه الأمور من في قلبه حياة، وأما ميت القلب فيوحِشُك، ثُمَّ فاسْتأنِسْ (٣) بغيبته ما أمكنك، فإنك لا يوحشك إلا حضوره عندك (٤)، فإذا ابتليت به، فأعطه ظاهرك، وتَرَحَّلْ عنه بقلبك، وفارقه بسرِّك، ولا تشتغل به عما هو أولى بك.


(١) (ت) و (ح) و (ق): "عيون الناس".
(٢) (ت): "عينه".
(٣) (ت): "تستأنس"، و (م): "ثم قال فاستبشر"! والعبارةُ قلقة كما ترى، ويمكن أن تُقرأ: "فيوحشك ثَمَّ" (أي: هنا).
(٤) "عندك" من (ح) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>