للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، وأصلُه في قلوبهم، ثم تَقْوَى مادته، وتتزايد (١) حتى تظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل وثيابهم ودُورهم، يُبْصِرُه مَنْ هو مِنْ جنسهم، وسائر الخلق له منكرون (٢).

فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور، وصار بأيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجِسْر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجم (٣)، وآخر كالسراج، وآخر يُعْطَى نورًا على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذا كانت هذه حال نوره في الدنيا، فأُعْطِيَ على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عيانًا، ولما لم يكن للمنافق نور ثابت في الدنيا، بل كان نوره ظاهرًا، لا باطنًا = أُعطِي نورًا ظاهرًا مآله إلى الظلمة والذَّهاب.

وضرب الله ﷿ لهذا النور، ومحلِّه، وحامله، ومادته مثلًا بالمشكاة، وهي الكُوَّة في الحائط، فهي مثل الصَّدْرِ، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج، وحتى شُبِّهت بالكوكب الدُّرِّيُّ في بياضه وصفائه، وهي مثل القلب، وشُبِّه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافًا هي في قلب المؤمن، وهي: الصفاء، والرقة، والصلابة، فيرى الحق والهدى


(١) (ح): "فتتزايد"، وفي (ق): "ثم يقوى مادته ويتزايد".
(٢) (ح) و (ق): "منكر".
(٣) (ح): "كالنجوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>