(٢) هذا التخلُّصُ هو المسلك البديع الذي أشرنا إلى سلوك المصنِّف له في هذا الكتاب، وهو من محاسنِ البلاغة في النَّظْم، وضُروبِ التَّفَنُّنِ في الإنشاء. وقد استخدمه المصنفُ هنا في صناعة التأليف. وهو شيءٌ طريف. قال ضياء الدين بن الأثير (ت: ٦٣٧) في "المثل السائر" (١/ ١٢١) و"الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور" (١٨١): "فأمّا التخلُّص فهو أن يأخذ مؤلِّف الكلام في معنى من المعاني، فبينا هو فيه إذْ أَخَذ معنًى آخر غيره، وجَعَل الأول سببًا إليه، فيكون بعضُه آخذًا برقاب بعضٍ، من غير أنْ يَقْطَع المؤلف كلامه ويستأنف كلامًا آخر، بل يكونُ جميع كلامه كأنما أُفْرِغ إفراغًا" وصنيعُ المصنِّفِ ليس مطابقًا لهذا، ولكنه منهُ بسببٍ.