والذِّكرُ يوجب له القرب من الله ﷿ والزلفى لديه، وهذه هي المنزلة.
وعُمَّال الآخرة على قسمين: منهم من يعمل على الأجر والثواب، ومنهم من يعمل على المنزلة (١) والدرجة، فهو ينافس غيره الوسيلة والمنزلة عند الله تعالى، ويسابق إلى القُرْبِ منه.
وقد ذكر الله تعالى النوعين في سورة الحديد في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨)﴾ [الحديد: ١٨] فهؤلاء أصحاب الأجور والثواب، ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ [الحديد: ١٩] فهؤلاء أصحاب المنزلة والقُرْبِ، ثم قال: ﴿وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ فقيل: هذا عطفٌ على الخبر عن ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾، أخبر عنهم بأنهم هم الصّدِّيقون، وأنهم الشهداء الذين يشهدون على الأمم، ثم أخبر عنهم بخبرٍ آخر، وهو قوله تعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾؛ فيكون قد أخبر عنهم بأربعة أمور:
أنهم صِدِّيقون، وشهداء، فهذه هي المرتبة والمنزلة، ثمّ أخبر عنهم