للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها؛ لئلا يُضَيِّع منها شيئًا، بل همُّه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي، وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبَه شأنُ الصلاة وعبودية ربه فيها.

الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكنْ مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه ﷿، ناظرًا بقلبه إليه، مراقبًا له، ممتلئًا من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلَّتْ تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حُجُبُها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أعظم (١) مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه ﷿، قرير العين به (٢).

فالقسم الأول معاقَبٌ، والثاني محاسَبٌ، والثالث مكَفَّرٌ عنه، والرابع مثابٌ والخامس مُقَرَّبٌ؛ لأن له نصيبًا ممن جُعِلَتْ قرة عينه في الصلاة، فمن قَرَّتْ عينه بصلاته في الدنيا قَرَّتْ عينه بقربه من ربه ﷿ في الآخرة، وقَرَّتْ عينه -أيضًا- به (٣) في الدنيا، ومن قَرَّتْ عينه بالله قَرَّتْ به كلُّ عين، ومن لم تَقَرَّ عينه بالله تعالى تقطَّعَتْ نفسه على الدنيا حسرات.

وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله ﷿: "ارفعوا الحُجُبَ بيني وبين عبدي (٤)، فإذا التفت قال: أرخوها" (٥).


(١) (ح) "أفضل وأعظم".
(٢) (ت): "قرير العين به، مشغول بربه".
(٣) "به" من (ح) و (ق).
(٤) "بيني وبين عبدي" من (م).
(٥) لم أقف عليه. وذكر الغزاليُّ في "الإحياء" (١/ ١٧٠) بعضه، فقال العراقي =

<<  <  ج: ص:  >  >>