للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن عطب الهدي في الطريق نحره موضعه وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب بها صفحته ليعرفه الفقراء فيأخذوه، ولا يأكل منه هو ولا أحد من أهل رفقته).

أما نحره الهدي المذكور وفعله ما ذكر وعدم جواز الأكل له ولأحد من رفقته فلما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها. ثم اغمس نعلها في دمها. ثم اضرب به صفحتها. ولا تَطْعَمْها أنت ولا أحد من أهل رفقتك» (١) أخرجه مسلم.

فإن قيل: فقد روى صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه قال: يا رسول الله! كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ قال: انحره ثم اغمس قلائده في دمه ثم اضرب بها صفحة عنقه ثم خل بينه وبين الناس» (٢).

فقوله: خل بينه وبين الناس يدل على تسوية الرفقة بالأجانب وهذا الحديث راجح على غيره.

قال ابن عبدالبر: هذا الحديث أصح من حديث ابن عباس وعليه العمل عند الفقهاء.

قيل: حديث ابن عباس صحيح أخرجه مسلم وهو متضمن لمعنى خاص يجب تقديمه على عموم ما يخالفه. والتسوية بين الرفقة والأجانب لا يصح لأن الرجل يشفق على رفيقه وربما أوسع عليه من ماله فيتهم في حقه دون الأجنبي.

وأما النعل فهي التي يقلد بها الهدي لما روي في حديث صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما قول المصنف رحمه الله: ليعرفه الفقراء فتنبيه على أن صبغ النعل إنما كان من أجل معرفة الفقراء كون المذبوح هدياً.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٣٢٦) ٢: ٩٦٣ كتاب الحج، باب ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٩١٠) ٣: ٢٥٣ كتاب الحج، باب ما جاء إذا عطب الهدي ما يصنع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>