الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، وأتباعه إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن كتاب «المقنع» للإمام موفق الدين ابن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) قد حظي بمنزلة عظيمة عند الفقهاء الحنابلة، وقد انكب عليه طلبة العلم حفظاً ودرسا ومذاكرة. كما اعتنى به الفقهاء وألفوا المصنفات حوله: فمن شارح وواضع حاشية عليه ومختصر وناظم وجامع له مع كتب أخرى.
وكان من أوائل من قام بشرحه، العلامة الشيخ زين الدين المنجى بن عثمان ابن أسعد ابن المنجى (ت ٦٩٥ هـ). والذي ينحدر من أسرة علمية عريقة في العلم وفي خدمة المذهب الحنبلي. حيث تولت أسرة بيت المنجى مشيخة المدرسة المسمارية في دمشق. وذلك بدءا من الشيخ أسعد ابن المنجى جَدُّ المصنف. وانتهاء بقاضي القضاة علاء الدين ابن المصنف.
وقد تناول ابن المنجى «المقنع» عبارة عبارة شارحاً إياها شرحاً وافياً في عبارة سهلة، وسبك بديع. ذاكراً الروايات والأوجه، مدللاً لكل رواية أو وجه بالأدلة العقلية والنقلية. ذاكراً آراء الأصحاب في كل مسألة.
ونرى الإمام ابن المنجى يتميز في كتابه بسوق الأدلة العقلية لكل رأي أكثر مما نجده عند غيره. ثم يعقبه بالأدلة النقلية من الكتاب والسنة مخرجاً إياها من الكتب المشهورة. ثم يوجهها.