الحمد لله العظيم سلطانه، العميم إحسانه، الظاهر امتنانه، الباهر برهانه. أحمده حمد من تساوى في الإخلاص إسراره وإعلانه، وأصلي على نبيه المصطفى الذي تمهدت بشرعه قواعد الدين وأركانه، وعلى آله وأصحابه الذين هم أنصار الهدى وأعوانه.
أما بعد.
فإن أجل العلوم خطرًا، وأحلاها أثرًا، وأرجحها فضيلة، وأنجحها وسيلة، وأسعدها جدًا، وأجدها سعدًا، وأشرفها موضعًا، وألطفها موقعًا: علمُ الشرع الشريف ومعرفة أحكامه، والاطلاع على سر حلاله وحرامه. فمن طلب أن يَبْرُز في إظهاره، ويشتغل فهمه في إيراده وإصداره، ليكون على ذلك واقفًا، وبتفسير غوامضه وحل مشكلاته عارفًا، وبما أوتيه منه عاملاً: تعينت مساعدته على مَطالبه ومَغازيه ومُعاضدته على تذكار لفظه ومعانيه.
ولما رأيت همم المشتغلين بمذهب الإمام المبجل، أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه متوفرة على حفظ الكتاب المسمى بـ «المقنع» تأليف الشيخ الإمام، العالم العلامة، شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبدالله المقدسي: أحببت أن أشرحه، وأبين مراده وأوضحه، وأذكر دليل كل حكم وأصححه.
فنسأل الله أن يسلمنا من الزلل، وأن يجعل علمنا مقرونًا بالعمل.