للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الخلع]

سمي الخلع خلعاً لأن المرأة تنخلع من لباس زوجها. قال الله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: ١٨٧].

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه. وإن خالعته لغير ذلك كره ووقع الخلع. وعنه: لا يجوز).

أما كون المرأة لا بأس أن تفتدي نفسها من الرجل إذا كانت مبغضة له وتخشى أن لا تقيم حدود الله؛ فلأن الله قال: {فإن خفتم أن لا يُقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: ٢٢٩].

وروي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس. فقال: ما شأنك؟ قالت: لا أنا ولا ثابت -لزوجها-. فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل ذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت حبيبة: كلما أعطاني عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: خذ منها. فأخذ منها وجلست في أهلها» (١) حديث صحيح.

وفي روايةٍ للبخاري قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ما أنقِمُ على ثابت بن قيس في دين ولا خُلُق إلا أني أخافُ الكفر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أترُدين عليه حديقتَه؟ قالت: نعم. فردّت عليه. وأمرهُ ففارقَها» (٢).

وأما كون الخلع لغير ذلك يكره؛ فلأن تركه ترجح على فعله وفعله يجوز: أما الأول؛ فلأنه مختلف في جوازه، وأما الثاني؛ فلأن الله تعالى قال: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئًا} [النساء: ٤].

وأما كونه يقع؛ فلأنه يجوز فعله. أشبه الذي قبله.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٢٧٦) ٩: ٣٠٧ كتاب الطلاق، باب الخلع.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٩٧٣) ٥: ٢٠٢٢ كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>