للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب جامع الأيمان]

قال المصنف رحمه الله: (ويرجع في الأيمان إلى النية. فإن لم يكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها. فإذا حلف ليقضينّه حقه غداً فقضاه قبله لم يحنث إذا قصد أن لا يتجاوزه، أو كان السبب يقتضيه).

أما كون الأيمان يرجع فيها إلى النية؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإنما لكل امرئ ما نوى» (١).

ولأن إطلاق العام وإرادة الخاص شائع في القرآن والشعر وكلام العرب فكذلك يجب أن يكون في كلام الحالف. ولا فرق بين أن تكون ظاهر اللفظ أو غير ظاهره؛ لأن المصحح النية وهو موجود فيهما.

وأما كونها يرجع فيها إلى سبب اليمين وما هيجها؛ فلأن السبب قرينة دالة على قصر اليمين عليه. أشبه النية.

فإن قيل: لو اجتمعت النية والسبب وتعارضا؛ مثل: إن تمنّن على رجل زوجته بغزلها فيحلف لا يلبس ثوباً من غزلها وينوي اللبس خاصة: فلأيهما الحكم؟

قيل: فيه وجهان:

أحدهما: تُقدَّمُ النية؛ لأنها الأصل.

والثاني قاله القاضي: يقدم السبب؛ لأن اللفظ ظاهر في العموم والسبب مقوٍّ له.

ولأن السبب هو الامتنان، وظاهر حاله قصد قطع المنة ولا يلتفت إلى نيته المخالفة لهذين الظاهرين.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١) ١: ٣ كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٩٠٧) ٣: ١٥١٥ كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية».

<<  <  ج: ص:  >  >>