للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب أدب القاضي]

قال المصنف رحمه الله: (ينبغي أن يكون قوياً من غير عُنفٍ، ليناً من غير ضَعفٍ، حليماً ذا أناةٍ وفطنةٍ، بصيراً بأحكام الحكام قبله، ورعاً عفيفاً).

أما كون القاضي ينبغي أن يكون قوياً؛ فلئلا يطمع المُبطل في باطله، ولذلك قال عمر: «لأعزلن أبا مريم عن القضاء ولأستعملن رجلاً إذا رآه الفاجر فرقه».

وأما كون ذلك من غير عنف؛ فلأنه إذا كان ذا عنف ربما أيسَ الضعيف من حقه.

وأما كونه ليناً؛ فلئلا يخاف منه صاحب الحق فيترك حقه.

وأما كون ذلك من غير ضعف؛ فلأن اللين إذا كان لضعفٍ طمع المبطل في القاضي فلا يُقر بالحق.

وأما كونه حليماً؛ فلأنه ربما يغضب من كلام الخصوم فيمنعه ذلك من الحكم بينهم.

وأما كونه ذا أناة؛ فلئلا يؤتى من عجلته.

وأما كونه ذا فطنة؛ فلئلا يخدع بغيره.

وأما كونه بصيراً بأحكام الحكام قبله؛ فلما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيًا حتى يكونَ فيه خمس خصال: عفيفٌ، حليمٌ، عالمٌ بما كان قبله، يستشيرُ ذوي الألباب، ولا يخافُ في اللهِ لومةَ لائم» (١).

وأما كونه ورعاً؛ فليؤمن منه مع ذلك أخذ الرشا.

وأما كونه عفيفاً؛ فلما تقدم من قول علي رضي الله عنه.


(١) لم أقف عليه من قول عليّ. وقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى من قول عمر بن عبدالعزيز ١٠: ١١٠ كتاب آداب القاضي، باب مشاروة الوالي والقاضي في الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>