ولأنه إذا كان كذلك كان بعيداً من الطمع قريباً من النزاهة لا يطمع أحد في ميله معه بغير حق.
قال:(وإذا وُلّي في غير بلده سأل عمن فيه من الفقهاء والفضلاء والعدول. ويُنفذُ عند مسيره من يعلمهم يوم دخوله ليتلقَّوه، ويدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت لابساً أجملَ ثيابه. فيأتي الجامع فيصلي فيه ركعتين ويستقبل القبلة. فإذا اجتمع الناس أمرَ بعهده فقرئ عليهم، وأمر من ينادي: من له حاجةٌ فليحضر يوم كذا ثم يمضي إلى منزله. ويُنفذُ فيتسلم ديوان الحكم من الذي كان قبله. ثم يخرج اليوم الذي وعدَ بالجلوسِ فيه على أعدل أحواله غير غضبان، ولا جائع، ولا شبعان، ولا حاقن، ولا مهموم بأمرٍ يشغلُه عن الفهمِ، فيسلّم على من يمر به ثم على من في مجلسه، ويصلي تحية المسجد إن كان في مسجد).
أما كون القاضي إذا وُلّيَ في غير بلده يسأل عمن فيه من الفقهاء والفضلاء والعدول؛ فليعرف حالهم حتى يشاور من يصلح للمشاورة، ويقبلَ شهادةَ من هو أهل للعدالة.
وأما كونه يُنفذُ من يعلمهم يوم دخوله؛ فلما ذكر المصنف رحمه الله من قوله: ليتلقَّوه؛ لأن في تلقِّيه تعظيماً له، وذلك طريقٌ لقبول قوله ونفوذِ أمره.
وأما كونه يدخل البلد يوم الاثنين أو الخميس أو السبت (١).
وأما كونه يأمرُ بعهده فيقرأ على من في بلد ولايته؛ فليعلموا ولايته وصفتها وعلامَ وُلِّي.
وأما كونه يأمر من ينادي: من له حاجة فليحضر يوم كذا؛ فليعلم صاحب الحاجة يوم جلوس القاضي فيقصد حضوره؛ لقضاء حاجته.
وأما كونه يمضي بعد ذلك إلى منزله؛ فليستريح حتى إذا خرج لفصل الخصومات يكون على أعدل أحواله.