للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب اليمين في الدعاوى]

قال المصنف: (وهي مشروعةٌ في حق المنكر في كل حقٍّ لآدمي. قال أبو بكر: إلا في النكاح والطلاق. وقال أبو الخطاب: إلا في تسعة أشياء: النكاح والرجعة والطلاق والرق والولاء والاستيلاد والنسب والقذف والقصاص.

وقال القاضي: في الطلاق والقصاص والقذف روايتان، وسائر التسعة لا يستحلف فيه (١) رواية واحدة.

وقال الخرقي: لا يحلف في القصاص، ولا المرأة إذا أنكرت النكاح، وتحلف إذا ادعت انقضاء عدتها، وإذا أنكر المولي مضي الأربعة الأشهر حلف، وإذا أقام العبد شاهداً بعتقه حلف معه).

أما كون اليمين مشروعة في حق المنكر في كل حقٍّ لآدمي وهو احتمال في المذهب؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يُعطى الناسُ بدعواهم لادعى قومٌ دماءَ رجال وأموالهم. ولكن اليمينَ على المدعَى عليه» (٢). جعل اليمين على المدعى عليه بعد ذكر الدماء، وذلك ظاهر في أن الدعوى بالدم يشرع فيها اليمين، وسائر الحقوق إما مثله أو دونه. فوجب مشروعية اليمين في ذلك كله؛ لما ذكر ولعموم النص سواه.

وظاهر المذهب أنها لا تشرع في كل حقٍّ لآدمي؛ لأنها لا تشرع في بعض حقوقه؛ لما يأتي ذكره في موضعه.

وأما كونها مشروعة في غير الأشياء المستثناة؛ فلأنه إما مالٌ أو المقصود منه المال، ولا خلاف بين أهل العلم في مشروعية اليمين في ذلك إذا لم يكن للمدعي


(١) في المقنع: وسائر الستة لا يستحلف فيها.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٢٧٧) ٤: ١٦٥٦ باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم}.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٧١١) ٣: ١٣٣٦ كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>