قال المصنف رحمه الله:(إذا قال: له عليّ شيء أو كذا قيل له: فسّره، فإن أبى حبُس حتى يفسّر. فإن مات أخذ وارثه بمثل ذلك إن خلّف الميت شيئاً يقضى منه وإلا فلا. فإن فسّره بحق شفعة أو مال قُبل وإن قل. وإن فسّره بما ليس بمال؛ كقشر جوزةٍ أو ميتةٍ أو خمرٍ لم يُقبل. وإن فسّره بكلبٍ أو حد قذفٍ فعلى وجهين).
أما كون من قال لمن ادعى عليه: له عليّ شيء أو كذا وما أشبه ذلك من المجهول يقال له فسّره؛ فلأن الحكم بالمجهول لا يصح ولا يمكن.
وفي قول ما ذكر له إشعار بصحة الإقرار بالمجهول. وهو صحيح صرح به المصنف وغيره. والأصل فيه الإجماع والمعنى: أما الإجماع؛ فظاهر.
وأما المعنى فهو أن الإقرار على المقرّ المذكور لو لم يصح؛ لأدى إلى ضياع الحق المقر به. بخلاف الدعوى فإنها للمدعي فعدم صحتها بالمجهول لا يدعو إلى ضياع الحق؛ لأنه يحرص على تحصيل حقه بأن يحرر دعواه.
وأما كون من قال ما تقدم إذا أبى أن يفسر يُحبس حتى يفسر؛ فلأن التفسير حق عليه. فإذا امتنع من أدائه حبس عليه؛ كالمال.
وأما كونه إذا مات يؤخذ وارثه بالتفسير إن خلّف الميت شيئاً يقضى منه؛ فلأن التفسير حقٌ ثبت على موروثه. فوجب أن يقوم وارثه مقامه؛ كما لو حلف عليه ديناً وله مال.
وأما كونه لا يؤخذ بالتفسير إذا لم يخلّف الميت شيئاً يقضى منه؛ فلأن فائدة التفسير المطالبة بالمفسر، وهنا لا يملك المدعي مطالبة الوارث لكون موروثه لم يخلّف شيئاً.