قال:(وإن قال أحدهما: أبي أعتق هذا، وقال الآخر: أبي أعتق أحدهما لا أدري من منهما أُقرع بينهما، فإن وقعت القرعة على الذي اعترف الابن بعتقه عَتق منه ثلثه إن لم يجيزا عتقه كاملاً. وإن وقعت على الآخر كان حكمه حكم ما لو عين العتق في العبد الثاني سواء).
أما كون العبدين المذكورين يُقرع بينهما؛ فلأن المستحق للعتق أحدهما لا بعينه. فوجب أن يُقرع بينهما؛ للتميز، وفي الحديث:«أن رجلاً أعتقَ ستة مملوكين عن دَين. فأقرعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتقَ اثنين وأرقَّ أربعة»(١).
وأما كون العبد الذي اعترف الابن بعتقه يَعتق منه ثلثاه إذا لم يجز عتقه كاملاً؛ فلأن الواجب أن يعتق بقدر الثلث، وثلثا العبد ثلث التركة وتعين بعتق في الذي اعترف الابن بعتقه؛ لأنه استحق ذلك بالاعتراف بالنسبة إلى المعترف وبالقرعة بالنسبة إلى مدعي عدم المعرفة.
وتقييد المصنف رحمه الله الحكم المذكور بأن الابنين لم يجيزا عتقه كاملاً مشعر بأن العبد يَعتق كله إذا أجازا ذلك. وهو صحيح؛ لأنه مُعتق. وإنما يرجع إلى الثلث إذا لم يجيزا ذلك فإذا أجازا ذلك وجب العتق عملاً بالإعتاق السالم عن المعارض.
وأما كون العبد الآخر إذا وقعت القرعة عليه حكم ما لو عين العتق في العبد الثاني سواء؛ فلأن القرعة جعلته مستحقاً للعتق بالنسبة إلى الابن المدعي عدم المعرفة. فصار بمنزلة ما لو عيّنه.
فعلى هذا يَعتق ثلث كل واحدٍ ويبقى سدس الخارج بالقرعة للابن الذي قال: لا أدري، ونصفه للابن الآخر ويبقى نصف العبد الآخر للابن الذي قال: لا أدري وسدسه للآخر.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٦٦٨) ٣: ١٢٨٨ كتاب الأيمان، باب من أعتق شركاً له في عبد.