للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب حكم الأرضين المغنومة]

قال المصنف رحمه الله: (وهي على ثلاثة أضرب:

أحدها: ما فتح عنوة، وهي ما أجلي عنها أهلها بالسيف، فيخير الإمام بين قسمها ووقَفَها على المسلمين، ويضرب عليها خراجاً مستمراً يؤخذ ممن هي في يده يكون أجرة لها. وعنه: تصير وقفاً بنفس الاستيلاء. وعنه: تقسم بين الغانمين).

أما كون الإمام يخير بين قَسم ما فتح عنوة وبين وقفه على الرواية الأولى فلأن كلا الأمرين ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فروي «أنه قسم نصف خيبر ووقف نصفها» (١).

و«وقف مكة» (٢)، و «وقف الشام والعراق عمر» (٣) وأقره على ذلك علماء عصره. وقد تقدم ذكره في موضعه.

ولأن عمر قال: «لولا آخر الناس لقسمت الأرض كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر» (٤). فوقف مع علمه بقسم النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) لم أقف عليه. وقد ذكر مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح يهدو فدك على نصف الثمر ونصف الأرض. الموطأ ٢: ٦٨١.
(٢) عن علقمة بن نضلة قال: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رِباع مكة إلا السوائب. من احتاج سكن ومن استغنى أسكن». أخرجه ابن ماجة في سننه (٣٠٩٨) كتاب المناسك.
(٣) أخرج أبو عبيد في الأموال (١٥٢) عن حارثة بن مضرب عن عمر «أنه أراد أن يقسم السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا. فوجد الرجل يصبيه ثلاثة من الفلاحين. فشاور في ذلك. فقال له علي بن أبي طالب: دعهم يكونون مادة للمسلمين فتركهم».
وأخرج (١٥٢) عن عبدالله بن قيس -أو ابن أبي قيس- الهمداني قال: «قدم عمر الجابية. فأراد أن قسم الأرض بين المسلمين. فقال له معاذ: والله! ليكوننّ ما نكره، إنك إن قسمتها صار الريع العظيم في أيدي القوم، ثم يُبيدون، فيصير ذلك إلى الرجل الواحد أو المرأة، ثم يأتي من بعدهم قوم يسدون من الإسلام مسدا، وهم لا يجدون شيئا. فانظر أمرا يسع أولهم وآخرهم». ص: ٦١ كتاب فتوح الأرضين صلحا، باب: فتح الأرض تؤخذ عنوة.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٢٠٩) ٢: ٨٢٣ كتاب المزارعة، باب أوقاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ...

<<  <  ج: ص:  >  >>