للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا إن قسمها لم يضرب عليها خراجاً؛ لأنها ملك أربابها فلم يكن عليهم فيها شيء كالغنائم المنقولة، وإن وقفها ضرب عليها خراجاً يؤخذ ممن هي في يده؛ لأن عمر فعل ذلك وقد تقدم ذكره في موضعه.

وأما كون ما ذكر يصير وقفاً بنفس الاستيلاء على الرواية الثانية فلأن ذلك أنفع للمسلمين ولذلك قيل لعمر في أرض الشام: «إن قسمتها ربما صار ريع الكل للبيت الواحدة» (١).

وأما كونها تقسم بين الغانمين على الرواية الثالثة فلأن الله تعالى قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيء ... الآية} [الأنفال: ٤١] ولم يفرق بين المنقول وغيره.

ولأن كل سبب يملك به ما ينقل يملك به ما لا ينقل. دليله البيع.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهي ما أجلي عنها أهلها بالسيف؛ فبيان لمعنى ما فتح عنوة شرعاً.

قال: (الثاني: ما جلا عنها أهلها خوفاً فتصير وقفاً بنفس الظهور عليها. وعنه: حكمها حكم العُنوة).

أما كون الأرض التي خلى عنها أهلها خوفاً تصير وقفاً بنفس الظهور على الرواية الأولى فلأنها ليست غنيمة فتقسم. وإذا كان كذلك تعين صيرورتها وقفاً بنفس الظهور لأنه إذا امتنعت القسمة امتنعت الخيرة لأن القسمة أحد شطريها وهي ممتنعة وإذا امتنعت الخيرة تعين صيرورتها وقفاً.

وأما كون حكمها حكم ما فتح عنوة على الرواية الثانية فلأنها مال ظهر عليه المسلمون بقوتهم فوجب أن يكون حكمه حكم ما فتح عنوة قياساً لأحد الحكمين على الآخر.

فعلى هذه الرواية يكون فيما جلى أهلها عنها خوفاً روايات ثلاث كما فيما فتح عنوة ودليلها ما مر.


(١) سبق تخريجه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>