قال:(الثالث: ما صولحوا عليه، وهو ضربان: أحدهما أن نصالحهم على أن الأرض لنا ونقرها معهم بالخراج. فهذه تصير وقفاً أيضاً.
الثاني: أن نصالحهم على أنها لهم ولنا الخراج عنها. فهذه ملك لهم خراجها كالجزية إن أسلموا سقط عنهم، وإن انتقلت إلى مسلم فلا خراج عليه. ويقرون فيها بغير جزية لأنهم في غير دار الإسلام بخلاف التي قبلها).
أما كون ما صولح الكفار عليه على ضربين فلأنه تارة يكون لنا وتارة يكون لهم.
وأما كون الأرض التي صولحوا عليها على أنها لنا تصير وقفاً وتقر معهم بالخراج فلأن ذلك شبيه بفعل عمر في أرض السواد فوجب كونها وقفاً مقراً في يد من هي في يده بالخراج كأرض السواد.
وأما كونها ملكاً لهم إذا صولحوا على ذلك فلأن الصلح يجب الوفاء به.
وأما كون خراج ذلك يسقط عنهم إذا أسلموا فلأن الخراج هنا بمعنى الجزية.
وأما كونه لا خراج على المسلم إذا انتقلت الأرض المذكورة إليه فلأنه خراج قصد بوضعه الصَّغار فوجب سقوطه بالإسلام كالجزية.
وأما كون من صولح على أن الأرض لهم يقر فيها بغير جزية فلما ذَكر المصنف رحمه الله من أنهم في غير دار الإسلام.
وقوله: بخلاف التي قبلها إشارة إلى الفرق بين هذه وبين التي قبلها وهي ما إذا صالحناهم على أن الأرض لنا.
وفُهم من قوله: بخلاف التي قبلها أنهم لا يقرون في الأرض التي صولحوا على أنها لنا إلا بجزية وهو صحيح لأن الدار دار إسلام فلا بد فيها من التزام الجزية.