الأصل في الشهادة على الشهادة في الجملة الإجماع والمعنى: أما الإجماع؛ فقال أبو عبيد: أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال.
وأما المعنى؛ فلأن الحاجة داعية إليها فإنها لو لم تقبل لبطلت الشهادة بالوقوف، وما تأخر إثباته عند الحكام لو ماتت شهوده. وفي ذلك ضرر عظيم ومشقة شديدة.
قال المصنف رحمه الله:(تُقبل الشهادة على الشهادة فيما يُقبل فيه كتاب القاضي، وترد فيما يرد فيه. ولا تُقبل إلا أن تتعذر شهادة شهود الأصل بموتٍ أو مرضٍ أو غيبةٍ إلى مسافة القصر. وقيل: لا تُقبل إلا بعد موتهم).
أما كون الشهادة على الشهادة تُقبل فيما يُقبل فيه كتاب القاضي وترد فيما يرد فيه؛ فلأنها في معناه؛ لاشتراكهما في كونهما فرعاً لأصل.
وأما كونها لا تُقبل إلا أن يتعذر فيها شهود الأصل؛ فلأنه إذا أمكن سماع الحاكم شهادة شهود الأصل يكون قادراً على سماع الأصل. فلم يجز العدول عنه؛ كسائر الأصول مع فروعها.
ولأن قدرة القاضي على سماع شهود الأصل يقتضي البحث عن عدالة شاهدي الفرع، ويمكنه العلم بشهادة شهود الأصل. فلم يجز له العدول إلى ظن شهادتهم بشهادة شاهدي الفرع.
وأما كون التعذر بموتٍ فلا خلاف فيه؛ لتحققه معه.
وأما كونه بمرضٍ أو غيبةٍ إلى مسافة القصر على المذهب؛ فلأن الشهادة يتعذر معهما. أشبها الموت.