وأما كون الشهادة المذكورة لا تُقبل إلا بعد موت شهود الأصل على قول؛ فلأن المريض ترجى عافيته والغائب يرجى قدومه.
والأول أصح؛ لما تقدم.
ولأن انتظار صحة المريض وقدوم الغائب يؤدي إلى ضرر صاحب الحق وتأخير حقه لأمر يحتمل أن يصير ويحتمل أن لا يصير.
فعلى هذا يتعدى الأمر إلى المحبوس والخائف من سلطان أو غيره أو نحو ذلك؛ لأن جميع ذلك تتعذر معه الشهادة من شهود الأصل. أشبها المريض والغائب.
قال:(ولا يجوز لشاهد الفرع أن يشهد إلا أن يسترعيه شاهد الأصل فيقول: اشهد على شهادتي أني أشهد أن فلان ابن فلان وقد عرفتُه بعينه واسمه ونسبه أقرّ عندي وأشهدني على نفسه طوعاً بكذا، أو شهدتُ عليه أو أقرّ عندي بكذا).
أما كون شاهد الفرع لا يجوز له أن يشهد إذا لم يسترعيه شاهد الأصل؛ فلأن الشهادة على الشهادة فيها معنى النيابة، والنيابة بغير إذن لا يجوز.
فإن قيل: إذا كان استرعاء شاهد الأصل معتبراً في شهادة الفرع فهل يعتبر أن يسترعيه بعينه أم يجوز لم لم يسترع أن يشهد على شهادته؟
قيل: فيه وجهان: أحدهما: يعتبر أن يسترعيه بعينه. وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا؛ لأنه ذكر هاهنا شاهد الفرع. ثم قال: يسترعيه فأعاد الضمير إليه ثم أتبعه بقوله فيقول: اشهد على شهادتي.
والثاني: لا يعتبر أن يسترعيه بعينه بل إذا سمع رجلاً يسترعي رجلاً جاز للسامع أن يشهد وإن لم يسترعه وهو الذي رجحه المصنف رحمه الله في المغني وعلله بحصول الاسترعاء.
وأما كونه يجوز له ذلك إذا استرعاه شاهد الأصل؛ فلأن المانع منه عدم إذنه له، وذلك مفقود مع ذلك.
وأما كون الاسترعاء كما ذكر المصنف رحمه الله؛ فلأنه محصل للغرض.